أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة بعنوان : الحقوق المتعلقة بالمال ، للدكتور خالد بدير

خطبة الجمعة بعنوان : الحقوق المتعلقة بالمال ، للدكتور خالد بدير، بتاريخ 23 ذو القعدة 1445 هـ ، الموافق 31 مايو 2024م. 

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 31 مايو 2024م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : الحقوق المتعلقة بالمال :

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 31 مايو 2024م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : الحقوق المتعلقة بالمال ، بصيغة word  أضغط هنا.

 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 31 مايو 2024م ، للدكتور خالد بدير بعنوان : الحقوق المتعلقة بالمال ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن الدروس الدينية

 

للمزيد علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

عناصر خطبة الجمعة القادمة 31 مايو 2024م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : الحقوق المتعلقة بالمال : كما يلي:

 

أولًا: أهميةُ الزكاةِ والحثُّ عليهَا في الإسلامِ.

ثانيًا: جزاءُ مانعِ الزكاةِ في الدنيا والآخرةِ.

ثالثًا: أثرُ أداءِ الزكاةِ في تحقيقِ التكافلِ الاجتماعِي.

 

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة  31 مايو 2024م ، للدكتور خالد بدير ، بعنوان : الحقوق المتعلقة بالمال : كما يلي:

 

الحقوق المتعلقة بالمال

23 ذو القعدة 1445هـ – 31 مايو 2024م

المـــوضــــــــــوع

الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ .

العنصر الأول من خطبة الجمعة بعنوان : الحقوق المتعلقة بالمال

أولًا: أهميةُ الزكاةِ والحثُّ عليهَا في الإسلامِ.

تُعتبرُ الزكاةُ مِن أهمِّ أركانِ الإسلامِ، ولأهميتِهَا قُرِنَتْ بالصلاةِ في اثنينِ وثمانينَ موضِعًا مِن القرآنِ الكريمِ، وعن حكمةِ ذلكَ يقولُ الإمامُ السعديُّ رحمَهُ اللهُ:”  كثيرًا ما يجمعُ تعالَى بينَ الصلاةِ والزكاةِ في القرآنِ؛ لأنَّ الصلاةَ متضمنةٌ للإخلاصِ للمعبودِ، والزكاةُ والنفقةُ متضمنةٌ للإحسانِ على عبيدِهِ، فعنوانُ سعادةُ العبدِ إخلاصُهُ للمعبودِ، وسعيهُ في نفعِ الخلقِ، كما أنَّ عنوانَ شقاوةِ العبدِ عدمُ هذين الأمرينِ منهُ، فلا إخلاصَ ولا إحسانَ “.أ.هـ

فالصلاةُ بهَا تصلحُ العلاقةُ والحقوقُ بينكَ وبينَ اللهِ، والزكاةُ بها تصلحُ العلاقةُ والحقوقُ بينكَ وبينَ الناسِ!!

لقد استهانَ كثيرٌ مِن الناسِ في هذا الزمانِ بفريضةِ الزكاةِ، وفرقُوا بينهَا وبينَ الصلاةِ، فهُم يحافظونَ على الصلاةِ في أوقاتِهَا، ويهملونَ أداءَ الزكاةِ لأصحابِهَا مِن الفقراءِ المعدمين، كما حدثَ بعدَ وفاةِ النبيِّ ، فقد اعتقدَ بعضُ مانعِي الزكاةِ مِن أحياءِ العربِ أنَّ دفعَ الزكاةِ إلى الإمامِ قد انتهَى زمنُهُ؛ لأنَّهُ كان خاصًّا برسولِ اللهِ ، واحتجُوا بقولِهِ تعالَى: { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ }، وقد رَدَّ عليهِم هذا التأويلَ والفهمَ الفاسدَ الصديقُ أبو بكرٍ وسائرُ الصحابةِ، وقاتلُوهُم حتى أدُّوا الزكاةَ إلى الخليفةِ، كمَا كانُوا يُؤدُّونَهَا إلى رسولِ اللهِ ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:” لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ ، وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِأَبِي بَكْرٍ: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ : ” أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَمَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ، وَنَفْسَهُ، إِلَّا بِحَقِّهِ وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ “، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: فَوَ اللهِ، مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ”. (متفق عليه).

إنّنَا نعيشُ هذه الأيام موسمَ الحصادِ الزراعِي، ونذكِّرُ الجميعَ بقولِهِ تعالَى: { كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ }. (الأنعام: 141). وحقُّ اللهِ في زكاةِ الزروعِ هو العشرُ إذا كانتْ تُسقَى بماءِ السماءِ، ونصفُ العشرِ إذا كانتْ تُسقَى بالآلةِ، ونصابُ زكاةِ الزروعِ خمسةُ أوسقٍ، أي ما يعادلُ خمسينَ كيلةً بالكيلِ المصرِي.

إنَّ إخراجَ الزكاةِ فيهِ طهارةٌ وتزكيةٌ للنفسِ والمالِ معًا، قالَ تعالَى: { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا }؛ فهي بمثابةِ طهارةٍ وجلاءٍ وغسلٍ للأدرانِ والأوساخِ مِن الشحِّ والبخلِ ومنكراتِ الصفاتِ القبيحةِ.

إنَّ كثيرًا منَّا يعتقدُ أنَّ الزكاةَ تنقصُ المالَ، وهذا فهمٌ خاطئٌ، والرسولُ في جميعِ أحاديثِهِ لا يُقسمُ لأنَّهُ مصدقٌ في كلِّ ما يقولُ، ولكنَّهُ جاءَ عندَ الحديثِ عن الزكاةِ والصدقةِ  فأقسمَ على أنَّها لا تُنقِصُ مِن المالِ فقالَ:” ثَلَاثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ : مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ؛ وَلَا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً فَصَبَرَ عَلَيْهَا إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا ؛ وَلَا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ” (الترمذي وحسنه) .

إنَّ هذا المالَ مالُ اللهِ في الحقيقةِ ونحن مستخلفونَ فيهِ،  قالَ تعالَى: { آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ}. (الحديد: 7). يقولُ الإمامُ القرطبيُّ رحمَهُ اللهُ”:{وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ }. قِيلَ: الْمُرَادُ الزَّكَاةُ الْمَفْرُوضَةُ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ غَيْرُهَا مِنْ وُجُوهِ الطَّاعَاتِ وَمَا يُقَرِّبُ مِنْهُ. (مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ): دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَصْلَ الْمُلْكِ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ، وَأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ لَهُ فِيهِ إِلَّا التَّصَرُّفُ الَّذِي يُرْضِي اللَّهَ فَيُثِيبُهُ عَلَى ذَلِكَ بِالْجَنَّةِ. فَمَنْ أَنْفَقَ مِنْهَا فِي حُقُوقِ اللَّهِ وَهَانَ عَلَيْهِ الْإِنْفَاقُ مِنْهَا، كَمَا يهون على الرَّجُلِ النَّفَقَةَ مِنْ مَالِ غَيْرِهِ إِذَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ، كَانَ لَهُ الثَّوَابُ الْجَزِيلُ وَالْأَجْرُ الْعَظِيمُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: (مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) بِوِرَاثَتِكُمْ إِيَّاهُ عَمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِأَمْوَالِكُمْ فِي الْحَقِيقَةِ، وَمَا أَنْتُمْ فِيهَا إِلَّا بِمَنْزِلَةِ النُّوَّابِ وَالْوُكَلَاءِ، فَاغْتَنِمُوا الْفُرْصَةَ فِيهَا بِإِقَامَةِ الْحَقِّ قَبْلَ أَنْ تُزَالَ عَنْكُمْ إِلَى مَنْ بَعْدَكُمْ”. (تفسير القرطبي).

العنصر الثاني من خطبة الجمعة بعنوان : الحقوق المتعلقة بالمال

ثانيًا: جزاءُ مانعِ الزكاةِ في الدنيا والآخرةِ

إنَّ مَن يُطالعُ نصوصَ القرآنِ والسنةِ يجدُ أنَّ اللهَ توعدَ مانعِي الزكاةِ بالعذابِ الأليمِ في الآخرةِ، فضلًا عن محقِ بركةِ المالِ في الدنيا، قالَ تعالَي:{ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ؛ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} (التوبة34 ؛ 35). يصورُ سيدُنَا عبدُاللهِ بنُ مسعودٍ الكيَّ فيقولُ:” لا يوضعُ دينارٌ على دينارٍ ولا درهمٌ على درهمٍ، ولكنْ يوسعُ جلدهُ حتى يوضعَ كلُّ دينارٍ ودرهمٍ على حدتهِ. فإنْ قيلَ لمَ خصَّ الجباهَ والجنوبَ والظهورَ بالكيِّ؟! قيلَ: لأنَّ الغنيَّ البخيلَ إذا رأىَ الفقيرَ عبسَ وجههُ وزوىَ ما بينَ عينيهِ، وأعرضَ بجنبهِ، فإذَا قربَ منه وليَّ بظهرهِ، فعوقبَ بكيِّ هذهِ الأعضاءِ ليكونَ الجزاءّ مِن جنسِ العملِ.” (الكبائر للذهبي) .

واعلمُوا أنَّ كلَّ إنسانٍ عندَهُ أيّ نوعٍ مِن أنواعِ الأموالِ الخمسةِ الواجبِ فيها الزكاة: ( المالُ النقديُّ – عروضُ التجارةِ- بهيمةُ الأنعامِ – الزروعُ والثمارُ- المعدنُ والركازُ ) لا يُؤدِّي زكاتَهُ، فإنَّهُ سيعذبُ بهِ يومَ القيامةِ ليكونَ الجزاءُ مِن جنسِ العملِ، يقولُ :” مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ؛ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ” ( مسلم) . هذا في الذهبِ والفضةِ، أمَّا عن بهيمةِ الأنعامِ فكذلكَ الجزاءُ مِن جنسِ العملِ، يقولُ : ” مَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ وَلَا بَقَرٍ وَلَا غَنَمٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهَا إِلَّا جَاءَتْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْظَمَ مَا كَانَتْ وَأَسْمَنَهُ تَنْطَحُهُ بِقُرُونِهَا وَتَطَؤُهُ بِأَظْلَافِهَا، كُلَّمَا نَفِدَتْ أُخْرَاهَا عَادَتْ عَلَيْهِ أُولَاهَا حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ. ” ( متفق عليه ). وعن مانعِ الزكاةِ مِن بقيةِ أنواعِ الأموالِ عمومًا يصورُ حالَهُ القرآنُ في قولِهِ تعالى: { وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }(آل عمران: 180)؛  ويقولُ : “مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَيْهِ يَعْنِي شِدْقَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا مَالُكَ أَنَا كَنْزُكَ ثُمَّ تَلَا: {لَا يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ} الْآيَةَ “(البخاري) .

أمَّا جزاءُ مَن أخرجَ زكاتَهُ وأنفقَ مالَهُ وأدَّى حقَّ اللهِ وحقَّ العبادِ، فقدْ أعدَّ اللهُ لهُ الأجرَ العظيمَ والثوابَ الجزيلَ في الآخرةِ، فضلًا عن البركةِ في أهلهِ ومالهِ وولدهِ في الدنيا. قالَ تعالَى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} قالَ ابنُ كثيرٍ في تفسيرهِ: “أي: مهمَا أنفقتُمْ مِن شيءٍ فيمَا أمرَكُم بهِ وأباحَهُ لكُم، فهو يخلفُهُ عليكم في الدنيا بالبدلِ، وفي الآخرةِ بالجزاءِ والثوابِ”؛ ولذلك بلغَ عبدُ اللهِ بنُ جعفرٍ مبلغًا عاليًا في الجودِ، وعُوتبَ في ذلكَ فقالُوا لهُ: لو ادخرتَ مالَكَ لولدِكَ بعدَكَ فقالَ: “إنَّ اللهَ عودنِي عادةً وعودتُ عبادَهُ عادةً: عودَنِي أنْ يعطينِي، وعودتُ عبادَهُ أنْ أعطيَهُم، وأخشَى إذا قطعتُ عادتِي عنهم أنْ يقطعَ عادتَهُ عنِّي! “. لذلك أخلفَ اللهُ تعالَى عليه؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :” مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ؛ فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا. وَيَقُولُ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا.” ( متفق عليه ) .

وفي حديثِ الإسراءِ والمشاهدِ التي رآهَا النبيُّ صورةٌ حيةٌ لأثرِ الإنفاقِ وإخراجِ الزكاةِ والمانعِ لهَا، حيثُ أتَى على قومٍ يزرعونَ في يومٍ ويحصدونَ في يومٍ، كلما حصدُوا عادَ كما كان، قال يا جبريلُ مَن هؤلاءِ؟ قال : هؤلاءِ المجاهدونَ في سبيلِ اللهِ تضاعفُ لهم الحسنةُ بسبعمائةِ ضعفٍ وما أنفقُوا مِن شيءٍ فهو يخلفُهُ ، …. ثمَّ أتَى على قومٍ على أدبارِهِم رقاعٌ وعلى أقبالِهِم رقاعٌ يسرحونُ كما تسرحُ الأنعامُ إلى الضريعِ والزقومِ ورضفِ جهنمَ، قال مَن هؤلاءِ يا جبريلُ؟ قال : هؤلاءِ الذين لا يُؤدونَ صدقاتِ أموالِهِم وما ظلمَهُم اللهُ وما اللهُ بظلامٍ للعبيدِ. ( البزار ؛ وابن كثير في تفسيره).

 فانظرْ لنفسِكَ يا عبدَ اللهِ أيَّ الطريقين تسلُك؟ وأيَّ الجزاءين تختارُ؟!!

العنصر الثالث من خطبة الجمعة بعنوان : الحقوق المتعلقة بالمال

ثالثًا: أثرُ أداءِ الزكاةِ في تحقيقِ التكافلِ الاجتماعِي.

إنَّ أداءَ حقِّ اللهِ تعالَى مِن الزكاةِ والصدقاتِ لهُ دورٌ عظيمٌ في تحقيقِ التكافلِ الاجتماعِيِّ، وفي المقابلِ نجدُ أن منعَ الزكاةِ والصدقاتِ ينتجُ عنه وجودَ فقراءَ ومعدمين، ونجدُ أنّ الخللَ يكمنُ في منعِ الزكاةِ، لأنَّ الغنيَّ منعَ حقَّ الفقيرِ، فاختلَّ بذلك التوازنُ المجتمعيُّ في الحياةِ، فعن عليٍّ رضي اللهُ عنه قالَ : قالَ رسولُ اللهِ : ” إنَّ اللهَ فرضَ على أغنياءِ المسلمينَ في أموالِهِم بقدر ِالذي يسعُ فقراءَهُم؛ ولن يجهدَ الفقراءُ إذا جاعُوا وعرُّوا إلا بما يضيعُ أغنياؤهُم ألَا وإنَّ اللهَ يحاسبُهُم حسابًا شديدًا ويعذبهُم عذابًا أليمًا” (الطبراني والبيهقي موقوفًا ) .

فكيف يحدثُ توازنٌ وتكافلٌ وقد منعَ الغنيُّ حقَّ الفقيرِ وضنَّ وبخلَ بهِ؟!!! إنَّ الغنيَّ لو منعَ حقَّ الفقيرِ – المقررُ شرعًا ليس منحةً ولا تفضلًا- لازدادَ الغنيُّ غنيً والفقيرُ فقرًا، واختلَّ التوازنُ في المجتمعِ. لذلك قال عليٌّ رضي اللهُ عنه – أيضًا-: ” ما رأيتُ نعمةً موفورةً إلا وإلى جانبِهَا حقٌّ مضيّعٌ”، وكما قالَ الشيخُ الشعراويُّ رحمه اللهُ: ” إذا رأيتَ فقيرًا في بلادِ المسلمين، فاعلمْ أنَّ هناكَ غنيًّا سرقَ مالَهُ”؛ وقال عمرُ: “ما تمتعَ غنيٌّ إلا مِن جوعِ فقيرٍ.

فعليكُم بالزكاةِ قبلَ أن ْيأتيَكُم الأجلُ وأنتُم لا تشعرون، وقتَهَا يتمنَّي أحدُكُم الرجوعَ ليخرجَ زكاةَ مالِهِ ويتصدقَ، ولكنْ هيهاتَ هيهاتَ!! قالَ تعالَى: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ} (المنافقون: 10) ؛ وهنا وقفةٌ مع هذا التصويرِ القرآنِي لمانعِ الزكاةِ والصدقاتِ، الميتُ تمنَّى الرجوعَ قائلًا: فأصدقَ، ولم يقلْ لأصلِّي أو لأصومَ أو غيرَ ذلكَ!! قالَ أهلُ العلمِ: ما ذكرَ الميتُ الصدقةَ إلا لعظيمِ ما رأىَ مِن فضلِ ثوابِهَا وأثرِهَا بعدَ موتهِ”؛ ولذلك قال عمرُ بنُ الخطّابِ- رضي اللهُ عنه-: « إنّ الأعمالَ تباهتْ، فقالتْ الصّدقةُ أنًا أفضلُكُنَّ » (إحياء علوم الدين).

وعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُول الله : من كَانَ لَهُ مَال يبلغهُ حج بَيت ربه أَو تجب عَلَيْهِ فِيهِ الزَّكَاة فَلم يفعل سَأَلَ الرّجْعَة عِنْد الْمَوْت فَقَالَ لَهُ رجل: يَا ابْن عَبَّاس اتَّقِ الله فَإِنَّمَا يسْأَل الرّجْعَة الْكفَّار فَقَالَ: سأتلوا عَلَيْكُم بذلك قُرْآنًا {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تلهكم أَمْوَالكُم وَلَا أَوْلَادكُم عَن ذكر الله} إِلَى آخر السُّورَة”. (الدر المنثور للسيوطي). فهيَّا قبلَ فواتِ الأوانِ، وقبلَ أنْ تندمَ ولا ينفعُ الندمُ!!

إنَّ أداءَ حقِّ اللهِ في المالِ يجعلُ المسلمينَ كلَّهُم كالفردِ الواحدِ وكالجسدِ الواحدِ، تسعدُ الأعضاءُ كلُّهَا بسعادتِهِ وتحزنُ لحزنِهِ، فعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :”مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى” . (مسلم)

فما أجملَ أنْ نكونَ جميعًا متعاونينَ متحابينَ متكافلينَ، فتسودُ بيننا علاقاتُ الودِّ والمحبةِ والتراحمِ والتكافلِ !!! 

نسألُ اللهَ أنْ يجعلَنَا مِن المزكِّينَ والمنفقينَ والمستغفرينَ بالأسحارِ ،،،

الدعاء،،،،                       وأقم الصلاة،،،                      كتبه : خادم الدعوة الإسلامية

                                                            د/ خالد بدير بدوي

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »